- البوذية و السكون و الوابي – سابي و الشيبوسا:
--------------------------------------------------------
"إن الأحاسيس المعاصرة لتقدير ما هو " فوق الطبيعي " و " اليومي" و "
اللحظي " و " الآني " تنبع بشكل كبير من النظرة البوذية للعالم، و تحديداً
من المتطلبات الصارمة للعزلة و الزهد اللذان يفرضهما الناسك البوذي
إختيارياً على نفسه.
و تتيح تلك الممارسات الفرصة لتقدير
التفاصيل الثانوية في الأمور الإعتيادية اليومية، كما توفر تبصراً بمظاهر
جماليات الطبيعة المغفل عنها."
" يجب علينا
أن نتعلم التوقف لتقدير ما هو حولنا ، و يوجد بالجماليات اليابانية ما
يوازي تلك الرسالة ، و يمكن البدء في فهم ذلك من خلال ال " وابي – سابي " و
هو مصطلح يمكن تجزئته إلى جزئين:
" وابي " : و هي كلمة كانت تشير في الأصل إلى البؤس الناتج عن العيش وحيداً في الطبيعة و في عزلة من المجتمع.
"سابي " : تعني الذل.
في القرن الرابع عشر ، بدأت تتبدل تلك المعاني ، لتحمل دلالات أكثر
إيجابية ، فتشير الآن كلمة "وابي" إلى بساطة الريفي و الطزاجة و الهدوء ، و
يمكن أستخدامها لوصف ما صنع من الطبيعة أو حتى من الإنسان."
" يسلط الباحث " ليونارد كورين" الضوء على الأختلافات الأساسية بين مفهوم
ال " وابي – سابي " و المفهوم الغربي للحداثة ، الحداثة تؤمن بإمكانية
السيطرة على الطبيعة ، بينما يتقبل ال "وابي – سابي" فكرة إن الطبيعة لا
يمكن السيطرة عليها . قبول هذة الفكرة ينتج – بشكل ما - عمقاً أكبر في فهم و
تقدير العوامل الجوية و الزمنية و الأستجابة للمحيط البيئي.
و يشرح " كورين" أيضاً فكرة أن الخصائص المادية لل "وابي – سابي" يمكن
التعبير عنها بالأشارة إلى العملية الطبيعية و عدم الأنتظام و الحميمية و
التواضع و الواقعية و الإظلام و البساطة."
"يُقدر ال " شيبوسا" هو الأخر جماليات الظلام و عدم الوضوح و الظلال و
التعبير الضمني . كما يعرف من سبعة عناصر ، هي البساطة و الضمنية و التواضع
و السكون و الطبيعة و الأعتيادات اليومية و عدم الكمال.
يقع ال " شيبوسا " على حدود خط رفيع فاصل ما بين مفاهيم جمالية متباينة ، كالأناقة و الخشونة ، أو التلقائية و التحفظ ."
- " المونوزوكوري " و حركة ال" مينجية" :
--------------------------------------------
"من ظلمة الظلال و من قتامة ال " شيبوسا " و ال " وابي – سابي " يأتي
مصطلح يجسد الأحاسيس في جمالية و تصميم المنتج الياباني و هو ال "
مونوزوكوري."
"يركز مصطلح " مونوزكوري" على ال"مونو" أي
الشيء المصنوع ، و "زكوري" أي فعل صناعته ، فالكلمة تقلل من التركيز على
الشخص الصانع و تذكر مهارته ضمنياً، و هذا إنما يعكس حس المسئولية الياباني
في صناعة الأشياء ، فال" مونوزوكورب" هو ألتزام المصمم أو الصانع ببذل
أفضل ما عندهما عن طريق تحسين و أعادة تصميم أعمالهما بشكل متكرر."
"و على الرغم من أن النسخ في ال " مونوزوكوري" يماثل القالب الأصلي إلا
أنه يسعى أيضاً لللأستجابة لما يستجد من المشكلات ، كأن يعيد التعريف و
الصناعة ، إن فكرة الثنائية الغربية الحديثة بين الأصل و النسخة تزعزها
الرؤية البوذة للحياة و الموت ، كدورة لا نهائية من الميلاد و الموت و
أعادة الميلاد . يطبق الحرفي نفس المبدأ فتصبح عملية تحسين المنتج هي ناتج
للتكرار و التقليد و الإعادة.
تتناغم تلك
الخلفية النظرية مع حركة " كوبي ليفت" بالغرب و التي تعتبر أن الأبداع
الفني هو ناتج عن الممارسة الأجتماعية و مبني على طبقات من المعرفة التي
تتراكم و يتم تحسينها تدرجياً على مر التاريخ من خلال عمليات التقليد و
التكرار."
"يجسد ال " مونوزوكوري" هذة الروح و يسمح بالصرامة و بالحرية في التصميمات و المنتجات."
"ظهر و تطور فن ال " مينجينة" الشعبي في نهاية العشرينات من القرن العشرين ."
"يُعد " سوئيتو ياناجي " مؤسس هذا الفن الذي يرتكز في فلسفته على " الفنون الحرفية اليدوية التي يصنعها أشخاص عاديون."
"أكتشف " ياناجي" الجمال في الأشياء ذات الأستخدام اليومي و المنتجة بغرض
المنفعة، و التي يصنعها العوام من الناس و التي لها قيمة تتعدى الجمال و
القبح ، و بالتالي فقد أكدت حركة " مينجية " على أهمية البحث عن الجمال
العملي ، و على الجاذبية الشاملة لتصميمات الأشغال اليدوية للحياة اليومية و
التي تتطور عبر تراكم تدرجي و إثراء متبادل للأساليب و التقنيات على مر
أجيال من الحرفيين. "
- "هناك زاوية أخرى
تسمح بتقدير الجماليات اليابانية ، مثل فكرة الوقتية و الزوال التي تنعكس
على التصميم المعماري و الداخلي للمساحات – و لكونها ضيقة – تتطلب بدورها
منتجات مرنة و قابلة للنقل في نفس الوقت."
==========================================
- منار مرسي : ماجستير هندسة معمارية و سياسة حضارية – جامعة بريستون
- من كتاب : التصميم الياباني المعاصر.
الناشر : مؤسسة اليابان - مكتب القاهرة.
#اليابان #تصميم #طبيعة #مؤسسة_اليابان #البوذية #سفر #سياحة #ياباني #أنمي #مانجا